التطبيع التركي: عن الشراكة في العدوان
الفلسطينية
2020-12-26

المفارقة هنا أن ما يفعله العدو الصهيوني بالفلسطينيين يرتبط بطبيعتها منذ اللحظة الأولى لنشوء المشروع الصهيوني، هذه الجرائم ليست سياسات مستحدثة حتى تكون نقطة خلاف تسعى تركيا لتجاوزها أو التغلب عليها في علاقتها مع الصهاينة، بل جوهر المشروع الصهيوني الاستعماري القائم على إلغاء الوجود الفلسطيني، وهذا أمر لا مجال للتجزئة فيه أو المناورة اللفظية والسياسية؛ فالموقف من العدو الصهيوني هو موقف من وجود الفلسطينيين، ومن المشروع الاستعماري في المنطقة، وغزوه لها طيلة أكثر من ٣٠٠ سنة، والذي مثل المشروع الصهيوني رأس حربته في آخر مئة عام.
قتل الغزاة المستعمرين ملايين من شعوب هذه المنطقة، وشنوا الحرب تلو الأخرى مدمرين مقومات وجودها، وما كان استحداث الكيان الصهيوني وزراعته في قلب المنطقة إلا جزء من هذه الحرب المستمرة والمحكومة بمنطق الغزو الاستعماري، والخيارات السياسية العقلانية التي يمكن أن تبحثها دول المنطقة هي آليات المواجهة والتضافر ضد الغزو الاستعماري بمختلف أشكاله، أما العلاقات والتعاون مع العدو الصهيوني فهي انحياز لهذا المشروع وبحث عن مصلحة في سياق سياسات العدوان و الإبادة والقتل والتشريد، أي الشراكة في الجريمة والعدوان بحثًا عن مصالح مدعاة، فلا مصلحة حقيقية مع المستعمر؛ إلا لمن يروم الشراكة في عدوانه. عبر التجربة المريرة مع القوى الاستعمارية لم تكن العلاقات او المهادنة معه مدخل لسياسات "حيادية"، فطالما ارتبطت هذه العلاقة بالشراكة في تفاصيل العدوان والجرائم التي يرتكبها الغزاة، ولا مكان هنا لخداع ذاكرة الشعوب تحت أي مسمى، واذ خص أردوغان بالذكر التعاون الاستخباري مع عدونا، فليراجع الجميع سجل الأنشطة الاستخبارية للعدو الصهيوني في المنطقة التي لم تكن؛ إلا جزءًا من حملة القتل المستمر والاغتيالات والغارات الوحشية، والمنطق يقول أن تبادل المعلومات مع عدو يشن الحرب عليك، هو اعتداء سافر وواضح، فلا موضع حيادي بين فوهات المدافع وأجساد الجماهير، ولا منطق يبرر التبرؤ من الغارة الجوية وقذيفة المدفع ومواصلة تبادل المعلومات مع مرتكبها، والتي تعني حكمًا توفير المعلومات لتسهيل مهماته، فلا يبحث العدو الصهيوني عن معلومات استخبارية حول منسوب التلوث البيئي في المنطقة، ولكن عن معلومات تهدف لتخطيط جرائمه وانتقاء أهدافه من بيننا.
مسؤولية الشعب التركي، وكل شعوب المنطقة اليوم، ردع سياسات حكومات التطبيع، ورفض ما ترتكبه من شراكة في العدوان الاستعماري باسم هذه الشعوب، وبالأساس فضح ادعائها بتمثيل مصالح هذه الشعوب، فلا ذرة من المصلحة لأي من شعوب المنطقة في دعم العدوان والانحياز له، أما خيارات بعض القوى، فلسطينية أو عربية، فارسية أو كردية أو تركية، دعم العلاقات أو التطبيع مع الكيان الصهيوني، ما هي إلا دعمًا للعدوان وجريمة بحق المكونات التي تمثلها.