بدوان/اليسار الفلسطيني التجديدي الى أين ..؟
مقالات
2022-06-08

إذاً، المؤتمر شمل ساحات العمل في الخارج وقطاع غزة والسجون، ونظراً لخصوصية الضفة الغربية، وحجم الملاحقة والمطاردة والاعتقالات والاستهداف المستمر من قبل الإحتلال، خَولّ المؤتمر الهيئات القيادية المنتخبة بإجراء الترتيبات والخطوات اللازمة لضمان تمثيل الضفة الغربية الكامل بكل الهيئات القيادية المنتخبة اللجنة المركزية العامة والمكتب السياسي ولجنة الرقابة، وبما يراعي أوضاعهم، ويضمن حضورهم وتفاعلهم في مختلف القضايا، وفق مصادر الجبهة الشعبية.
وشهدت كواليس وحوارات وأعمال المؤتمر الثامن للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذي أعلنت نتائجه يوم 25/5/2022، سلسلة من التغييرات التي طالت أعضاء المكتب السياسي لأحد أكبر وأهم تنظيمات اليسار الفلسطيني إلى جانب اللجنة المركزية العامة.ومن أهم المتغيرات التي شهدها المؤتمر هو اختيار أحمد سعدات كأمين عام، وجميل مزهر لشغل موقع نائب الأمين العام للجبهة الشعبية، في خطوة فسرها البعض على أنها امتداد لنقل التنظيم إلى الداخل. وبدا لافتاً الحضور الكبير لقطاع غزة على صعيد ثقل القيادات، في إشارة لانتقال ثقل التنظيم بصورةٍ أكبر إلى الداخل الفلسطيني وهو مابدأيتكرس مع دخول الشهيد ابو علي مصطفى الى رام الله، واستشهاده عام 2002.
نائب الأمين العام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين جميل مزهر خلال مؤتمرٍ صحفي في قطاع غزة، أيار/مايو 2022، وحول المؤتمر العام الثامن، أورد ماخلص اليه التقرير التنظيمي الحزبي، إلى الاحصائيات والمعطيات التالية، والتي بحاجة لقراءة وتمحيص :
بلغت نسبة التجديد في اللجنة المركزية العامة 53%، ومتوسط أعمار العضوية فيها 55 عامًا. وبلغت نسبة التجديد في أمانة سر اللجنة المركزية العامة 100%، ومتوسط أعمار عضويتها 48 عامًا.وبلغت نسبة التجديد في المكتب السياسي 75%، ومتوسط أعماره 60 عامًا. وبلغت نسبة التجديد في لجنة الرقابة المركزية 44%، ومتوسط أعمارها 59 عامًا. وبلغت نسبة التوسّع في عموم العضوية بالحزب 45%، ونسبة العمال 47%، والمرأة 25%، والشباب 61%، والمزارعين 13%، والمهنيين 22%.. فضلاً عن افساح المجال لضخ دماء شابة جديدة، وتنحي عدد من اعضاء المكتب السياسي.
إن حركة التجديد داخل أطر الجبهة الشعبية في مؤتمرها الأخير، كان يجب أن تتم على أساس التواصل بين الأجيال، وليس نسف وهدم ليحل أخرون. فهذا التجديد يضيّع التجارب، بالمعنى التاريخي، فتجديد المواقع القيادية وإفساح المجال لجيل الشباب الذي نما وترعرع في ميدان الفعل والعمل المباشر، هو الطريق الأفضل للتجديد ولو بنسبٍ عالية، والتخلص من إرث "القاعدة السوفيتية" التي كانت فيها عضوية المكتب السياسي والأمانة العامة من "المهد إلى اللحد"، والتقاعد المتأخر في أحسن الأحوال، حتى لو أصابها "الزهايمر وخريف العمر".
إن الجبهة الشعبية، وبصمات قادتها التاريخيين، كانت مُخيمة وملقية بظلالها على أعمال المؤتمر. بصمات النقاء والطهارة الثورية التي شق طريقها الدكتور جورج حبش، والدكتور وديع حداد، واحمد اليماني ... والأخرين من الجيل المؤسس. فكانت تلك الطهارة والنقاء تحفظ للجبهة الشعبية وجودها الجماهيري بالرغم من الملاحظات السياسية، التي يُمكن تسجيلها عليها في سياق أداءها السياسي العام، وغياب الرؤى التكتيكية لها في التعاطي بالشأن الوطني الجامع لكل القوى المؤتلفة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الخيمة التي تُظلل الجميع.
لقد عاش اليسار الفلسطيني بشكلٍ عام، حالة النفي العدمي العاجز عن توليد الجديد في البرامج والرؤى، وعن إزاحة اللبس والضبابية في ممارسته السياسية، في ظل الصراعات بين مجموعاته وفصائله، والتي كانت في غالبيتها غير مبدئية، وعبّرت عن نفسها بانشقاقاتٍ متتالية، وإن كانت الجبهة الشعبية أعقلها واكثرها اتزاناً.
أخيراً، وفي إطار الحديث بالشأن السياسي في أعمال المؤتمر، أكَّدَت مصادر في الجبهة الشعبية أن المؤتمر اتخذ بتوجهه بتهميش الحل المرحلي لحساب الحل الجوهري المُتمثل في تحرير فلسطين بشكلٍ كامل من بحرها إلى نهرها، كون الاحتلال استخدم "الحلول المرحلية" لفرض وقائع جديدة على أرض الواقع.والإصرار على الحل الاستراتيجي الذي يُعبّر عن موقف الجبهة الشعبية التاريخي منذ أن كانت ــ زنبرك ـــ جبهة الرفض الفلسطينية.
ونحن نقول، إن ما اطلقه القائد التاريخي للجبهة الشعبية ومؤسسها الدكتور جورج حبش في المجلس الوطني الفلسطيني التوحيدي في الدورة 18 التي التأمت في الجزائر في قصر الصنوبر عام 1987، بعد الإنقسام المُدمّر في الساحة الفلسطينية واستعادة الوحدة الوطنية، ويديه متشابكه مع يدي ا[و الوطنية الفلسطينية الشهيد الرئيس ياسر عرفات: وحدة وحدة حتى النصر. نستعيده الآن، لأهميته وضرورته، فالوحدة طريق الإنتصار.
بقلم الكاتب الفلسطيني علي بدوان