غازي الصوراني/دعوة الى تأسيس كتلة تاريخية
مقالات
2018-12-05

يمكن القول أن الحالة الفلسطينية اليوم، انتقلت بالفعل من أرضية النضال الوطني والأهداف الكبرى من أجل التحرير والعودة والاستقلال ، إلى أرضية الخضوع والمساومة على حقوق شعبنا التاريخية،ما يعني أن مسيرة النضال الفلسطيني انتقلت من حالة الأزمة التي بدأت منذ أكثر من ثلاثة عقود، إلى حالة المأزق الذي يصيب اليوم بنيانها وقيادتها وفكرها السياسي، وهو مأزق حاد يحمل في طياته مخاطر أشد خطورة من كل المحطات المأزومة السابقة، خاصة في ظل انفجار الصراع الدموي بين حركتي فتح وحماس (حزيران 2007) وصولاً إلى الانقسام الذي ادى إلى تفكيك النظام السياسي الديمقراطي الفلسطيني، ومعه تفككت أوصال المجتمع الفلسطيني، الذي يبدو أنه ينقسم اليوم إلى مجتمعين أحدهما في الضفة والآخر في قطاع غزة، ناهيكم عن عزلتهما عن أبناء شعبنا في الشتات والمنافي.
فلقد أدى الانقسام إلى تكريس أوضاع سياسيةٍ واجتماعية في قطاع غزة خصوصاً ، شكلت نقيضاً لكل من صيرورة التحرر الوطني والتطور الاجتماعي الديمقراطي، حيث سادت حالة من الاستبداد والقمع والتخلف الاجتماعي والاحتكار الاقتصادي من قبل محاسيب فتح وحماس، كرست واقعاً أقرب إلى الاحباط واليأس، ليس بالنسبة للعملية السياسية فحسب، بل أيضاً بالنسبة للأوضاع الاجتماعية والحريات العامة وحرية الرأي، علاوة على ابراز هوية الاسلام السياسي بديلاً للهوية الوطنية الفلسطينية وانتمائها لبعدها القومي العربي .
وهنا بالضبط تتجلى ملامح المأزق السياسي والمجتمعي الفلسطيني، عبر مواقف كل من حركتي فتح وحماس وصراعهما الفئوي على السلطة والمصالح بعيداً عن جوهر وشكل المشروع الوطني التحرري الديمقراطي الفلسطيني، بحيث يمكن الاستنتاج ، أن كل من فتح وحماس ، قدمتا لشعبنا الفلسطيني أسوأ صورة ممكنة من حاضر ومستقبل المجتمع المحكوم بصورة اكراهية ، لادوات ومفاهيم الاستبداد والاستغلال والتخلف ، وهي مفاهيم وأدوات وممارسات لم ولن تحقق تقدماً في سياق الحركة التحررية الوطنية ، بل على النقيض من ذلك ، ستعزز عوامل انهيارها والانفضاض الجماهيري عنها وصولاً إلى حالة غير مسبوقة من الاحباط واليأس ، كما هو حال شعبنا اليوم عموماً، وفي قطاع غزة على وجه الخصوص.
وانطلاقاً من ذلك ،فان القوى الوطنية الديمقراطية الفلسطينية ادراكاً منها لطبيعة الظروف المعقدة المحيطة بشعبنا سواء على الصعيد المحلي والصراع بين فتح وحماس أو على الصعيدين العربي والدولي ، نؤكد على التزامنا بالمبادئ والأهداف الوطنية التي ناضل شعبنا وضحى بمئات الآلاف من الشهداء في سبيلها، وتعلن بإخلاص شديد توجهها إلى كافة القوى والفعاليات والشخصيات الوطنية والمجتمعية ، وإلى كافة ابناء جماهير شعبنا المؤمنة بتلك المبادئ والأهداف ، أننا بصدد البدء بحراك وطني وديمقراطي واسع، يستهدف اخراج جماهيرنا من حالة الركود والإحباط التي تعيشها في هذه اللحظة، من خلال تأسيس "الكتلة التاريخية" (جبهة وطنية عريضة) من كافة القوى والفعاليات السياسية ومن كل أبناء شعبنا المعنيين بتحقيق أهداف الحرية والاستقلال وتقرير المصير وحق العودة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية.
القوى المرشحة لتأسيس الكتلة التاريخية من واقع وجود شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات كما يلي:
أولاً: الفصائل والأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية الملتزمة بوضوح بمواقفها الواضحة غير الملتبسة بالنسبة للثوابت الوطنية بما في ذلك الموقف الواضح ضد الانقسام الكارثي وضد اتفاق أسلو وما نتج عنه من اتفاقات أو ممارسات حتى اللحظة الراهنة .
ثانياً: النقابات العمالية والحرفية والفلاحية والشبابية والنسوية والجمعيات الأهلية والنوادي الثقافية والرياضية وغير ذلك من المؤسسات شرط التزامها بالثواب...