مهنا: مسيرة العودة انحرفت عن أهدافها.. واستمرار العقوبات يخدم صفقة القرن
أخبار الجبهة
2018-07-03
وفي حوارٍ مُطوّل أجرته "بوابة الهدف" مع د. مهنّا، تطرّق إلى عدّة موضوعات سياسيّة، منها سُبل مُواجهة صفقة القرن، وأضاف أنّ "مُواجهة هذه الصفقة تكون بخطوتين: أوّلًا، إنهاء الانقسام على طريق تحقيق الوحدة الوطنية"، وشدّد بالقول أنّ "كلّ من يقول أنّه ضدّ صفقة القرن وفي الوقت ذاته يُعطّل الوحدة الوطنية يكون خادمًا لتلك الصفقة"، وتابع بالقول أنّ "إدارة حماس الخاطئة لموضوع غزّة، بالتزامن مع أخطاء الرئيس أبو مازن في خنق وتجويع غزّة، هذا يخدم صفقة القرن".
وأردف "أنّ الخطوة الثانية لمواجهة الصفقة، هي تشديد المقاومة بكلّ أشكالها في الضفة وغزّة وأينما كان، ضدّ العدو الصهيوني، وبهذا نستنهض حالة عربية مُؤيّدة لنا، تعمل على الضغط على أنظمة بعض الدول العربية التي تدعم الصفقة".
واعتبر أنّ "عناصر صفقة القرن: السلام الاقتصادي للفلسطينيين، ويهوديّة الدولة، وإطلاق يدّ إسرائيل بالاستيطان في الضفة، والتطبيع مع الدول العربية، كل هذا يجري تنفيذه بالفعل". وقال "فلسفة الصفقة مبنيّة على الاعتقاد بأنه يُمكن تمريرها بدون موافقة فلسطينية، عبر موافقة أطراف عربية، ويبدو أن هذا في الطريق".
وفي ملفّ الأونروا، قال د.رباح مهنّا إنّ "التقليصات التي تُواجهها وكالة الغوث جزءٌ من المخطط المُوجّه ضدّ قضية الشعب الفلسطيني، فأمريكا وإسرائيل وبعض العرب يُريدون إنهاء الوكالة لإنهاء قضية اللاجئين". وأضاف "لو أردات السعودية أو قطر سدّ العجز المالي للوكالة لفعلت".
وأكّد على أنّ "التصدي لهذا المخطط يجب أن يكون بالوحدة الوطنية، وإدراك الجميع خطورة هذه التقليصات في خدمات الأونروا خاصةً بغزة. وباستمرار المقاومة، والالتفاف الشعوب العربية حول قضايا الشعب الفلسطيني.
وتطرّق د. رباح مهنّا إلى حراك (ارفعوا العقوبات عن غزة)، لافتًا إلى أنّ فكرة الحراك انطلقت من غزّة، عقب اجتماعٍ للقوى الديمقراطية اتفقت خلاله على تفعيل الحراك الشعبي في غزة والضفة بالتزامن ضدّ العقوبات.
ورأى أنّ "الحراك ليس كما يجب عليه أن يكون، ولأجل هذا اجتمعت القوى الديمقراطية بغزّة، قبل نحو أسبوع، وطرحت أفكارًا لتفعيل الحراك للضغط أكثر على الرئيس لرفع العقوبات". مُوجّهًا الانتقاد لحركة حماس التي قمعت مسيرة للأسرى خرجت في غزّة للمطالبة برفع العقوبات، التي مسّتهم.
وفي ملف مسيرات العودة، قال د. رباح مهنّا إنّ "المشاركة الجماهيرية في مسيرات العودة، التي كانت الجبهة الشعبية أحد مُؤسسيها، تراجعت"، كما بيّن أنّ أهداف المسيرة تغيّرت؛ كمحاولة حماس تغليب شعار رفع الحصار في المسيرات، بمعنى فكّ الحصار عنها، ونحن في الجبهة الشعبية ضدّ هذا، ونبذل جهودًا كبيرة لمنعه وتصويبه".
وكشف لـ"بوابة الهدف" أنّ لدى الجبهة الشعبية 3 شروط للقبول باستمرار مسيرات العودة، أوّلها: التمسك بأهدافها السياسية ورفع الحصار، الشرط الثاني: الحفاظ على الوحدة الميدانية، وإشراك فتح، والتي لها جمهور مؤثر ومفيد لمسيرات العودة.
وأفردَ د.مهنّا "بوابة الهدف" بالكشف عن أنّ الجبهة الشعبية طرحت استبدال اللجنة الوطنية المصغرة لمسيرات العودة، بأخرى جديدة تضمّ حركتي فتح وحماس والجبهتين الشعبية والديمقراطية وحركة الجهاد الإسلامي، لتمثيل وحدة وطنية حقيقية وهو ما سيُعطي زخمًا لاستمرار المسيرات، بأهدافها السياسية وفكّ الحصار.
والشرط الثالث كان "إيجاد سُبل لتقليل الخسائر في صفوف أبناء شعبنا وتعظيم الخسائر لدى الاحتلال". لافتًا إلى أنّ هذا "يستوجب تحقيق الوحدة، وتفعيل النضال بكلّ أشكاله وهو ما لن يتحقّق إلّا بوقف التنسيق الأمني، وإيقاف انفراد حماس في محاولتها إيجاد حلول سياسية منفردة وبعيدة عن الكلّ الوطني".
وكشَف أنّه حتى اللحظة لم تُطلع حماس الجبهة الشعبية على حقيقة ما جرى في اللقاء الأخير الذي جرى في القاهرة بين وفد من الحركة والجانب المصري.
وفنّد د.رباح، خلال الحوار، اتهامات تُوجّه للجبهة الشعبية حول علاقتها مع حركة حماس، مُؤكّدًا أن "الخيار الرئيسي لتحالف الجبهة هو التيار الوطني الديمقراطي، مُشيرًا إلى "وجود خلافات كبيرة مع كلٍ من: اليمين الوطني الليبرالي الذي تترأسه فتح وهو هابطٌ سياسيًا ومتفرد، واليمين الديني الذي ترأسه حماس، والذي تختلف معه الشعبية على كثيرٍ من القضايا المُجتمعية والسياسية".
وعن التحالف مع التيار الوطني الديمقراطي، قال إنّه "تُوجد صعوبات"، لافتًا إلى أنّه "من يُريد أن يُبلور ويقود تيار ديمقراطي يجب عليه أن يتواضع ويتنازل لصالح هذه الفكرة". وأشار إلى أنّ عناصر اللقاء مع سائر القوى الديمقراطية في القضايا المُجتمعية شبه كاملة، والخلاف في الموضوع السياسي بين أطراف التيار الديمقراطي يجب أن لا يكون سبباً في عدم استمرار العمل لبلورة التيار الديمقراطي، حيث أنه يوجد أحياناً خلافات في الرأي السياسي بين أعضاء الجبهة الشعبية نحله بالحوار الديمقراطي والالتزام بمبدأ المركزية الديمقراطية.
حوار خاص مع عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين د.رباح مهنّا.. يتناول أبرز الأوضاع والمُستجدّات على الساحة السياسيّة (صفقة القرن، تصفية الأونروا، فصل غزّة)
التسريبات حول صفقة القرن وسُبل المُواجهة
س/ كيف تابعتم في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جولة الوفد الأمريكي الأخيرة في المنطقة، في ظلّ ما يصدر من تسريبات حول تفاصيل وبنود ما تُسمّى صفقة القرن؟ وما تزامن معها من خروج أصوات من داخل حركة حماس بقطاع غزة تدعو للتفاوض مع الاحتلال من أجل إيجاد حلول للأزمة الإنسانيّة في القطاع، والقبول بدولة غزّة؟
نحن في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ندرك طبيعة العلاقة بين أمريكا وإسرائيل وقد حدّدت الجبهة الشعبية في مؤتمرها الرابع مطلع الثمانينات مُعسكر الأصدقاء ومعسكر الأعداء، وضمّ الأخير الإمبريالية العالمية وعلى رأسها أمريكا، الصهيونية، والرجعية العربية، وأثبتت الأيام بشكل واضح أنّ أمريكا كانت دومًا مُنحازة لدولة الاحتلال، لكن جاءت حكومة دونالد ترامب لتُؤكّد الانحياز لإسرائيل، بل وللتيار اليميني في إسرائيل بشكل فجّ، ومن هُنا جاءت صفقة القرن، لتُعبّر عن هذا الانحياز.
وجاءت صفقة القرن ترجمة لهذه العلاقة وعناصر صفقة القرن هي التالي: أولًا، السلام الاقتصادي للفلسطينيين وهو المشروع الذي أطلقه نتنياهو، ثانيًا، القدس عاصمة إسرائيل وهو الذي أيدته أمريكا وأعلنت القدس عاصمةً لدولة الاحتلال ونقلت سفارتها إليها، ثالثًا، إطلاق يدّ إسرائيل بالاستيطان في الضفة المحتلة، رابعًا: التطبيع مع الدول العربية وترجمة ذاك؛ المشروع الذي يُبنى في سيناء بمساحة ألف دونم، والذي يربط سيناء وإسرائيل والأردن والخليج والعراق وسوريا. إذا دقّقنا في هذا، نجد أن صفقة القرن يتم تنفيذها بالفعل.
فلسفة مشروع صفقة ترامب هي الاعتقاد بأنه يُمكن تمريرها بدون موافقة أي طرف فلسطيني، وهذا يأتي من خلال موافقة أطراف عربية، ويبدو أن هذا في الطريق.
مشروع فصل غزة عن الضفة هي أحد أساسيات صفقة القرن، وساق إلى هذا الموضوع إدارة حماس الخاطئة لموضوع غزّة، وفي ذات الوقت أخطاء الرئيس أبو مازن في خنق وتجويع وفرض إجراءات في مُنتهى الغباء ضدّ غزّة، تُؤدّي إلى خدمة صفقة القرن، رغم أن الرئيس أبو مازن يقول ليل نهار أنّه ضدّ الصفقة.
شعب غزّة مخنوق ويُعاني على كلّ الصعد المعيشية وهذا كلّه سيؤدي إلى أنّ يقبل الناس بصفقة القرن، وهذا ما يجري البحث عنه، قد يُستغل ضيق الحال في غزّة، بطالة وفقر. وهُنا أنا أعلم أن حماس لن تتخلّى عن سيطرتها عن غزّة، لأنّ السيطرة على غزّة ليس مشروع حماس وحدها، بل هو مشروع الإخوان المسلمين، والمنطقة الوحيدة التي يحكمون فيها هي القطاع. ومشروع حماس لتشكيل إدارة لغزّة قديم جرى طرحه قبل 4 سنوات، على الجبهة وأطراف أخرى. وما جبهة إنقاذ غزة إلّا جزء من هذا المشروع، والقائمون عليه كلّهم محسوبون على حماس.
حماس مُستعدة، حتى بعد مسيرات العودة، حماس تُحاول تغليب شعار رفع الحصار، نحن مع رفع الحصار لكن في إطار شعار وطني، العودة والحفاظ على الثوابت الوطنية. بعض مسؤولي حركة حماس يُحاولون إسقاط التمسك بالثوابت لصالح مشروع فكّ الحصار.
الجبهة الشعبية ترفض هذا المشروع –استغلال الأزمة الإنسانية في غزّة لتمرير صفقة القرن- جُملةً وفي كلّ تفاصيله، وترفض تشكيل إدارة لغزة وفصلها عن الضفة. قد يكون هذا الكلام غير مقبول كثيرًا جماهيريًا، لأن الناس مخنوقة، تُريد أيّ حلٍّ، لكن دور الطليعة السياسية المبدئية أن تُعلن موقف وطني يُحافظ على الثوابت الوطنية وهذا ما تفعله وتعمل عليه الجبهة الشعبية، وهذا يتحقّق من خلال خطوتين:
أولّا/ إنهاء الانقسام على طريق تحقيق الوحدة الوطنية، لأنّه بدون الوحدة لا يُمكن مواجهة صفقة القرن، وكلّ من يقول أنّنا ضدّ صفقة القرن وفي الوقت ذاته يُعطّل الوحدة الوطنية هو خادم، وهُنا أوجّه كلامي للرئيس عباس ولقيادة حماس: الذي يُريد مواجهة صفقة القرن، عليه أن يتنازل للكلّ الوطني لمشروع إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية.
ثانيًا/ تشديد المقاومة بكلّ أشكالها في الضفة وغزّة وأينما كان، ضدّ العدو الصهيوني، وبهذا نستنهض حالة عربية شعبية مُؤيّدة لقضية الشعب الفلسطيني، وتعمل هذه الحالة على الضغط على بعض أنظمة الدول العربية التي تُؤيّد صفقة القرن بكلّ الوسائل.
تقييم مسيرات العودة
س/ ما هو تقييمكم لمسيرات العودة حتى اللحظة، وهل ستستمرّ بذات النّمط، أم يجري العمل على تطويرها؟
مسيرات العودة مشروع وطني كفاحي ممتاز، نحن في الجبهة الشعبية، كُنّا من الأطراف التي أسست لها من البداية، وكان شعارها "العودة وفكّ الحصار"، والعودة لا تعني أنّنا سنعود لأراضينا التي هُجّرنا منها غدًا، بل تعني التمسك بالثوابت: حقّ العودة، والدولة وتقرير المصير.
كانت المشاركة الجماهيرية في مسيرات العودة واسعة، لكنّ هذه المشاركة تراجعت، والأهداف كذلك، هناك أطراف رئيسية مثل حركة حماس تُحاول جعل هدف مسيرات العودة فك الحصار، بمعنى فكّ الحصار عن حماس، ونحن في الجبهة الشعبية ضدّ هذا الأمر، ونبذل مجهود كبير جدًا لمنعه وتصويبه، ننجح أحيانًا ولا ننجح أحيانًا أخرى، لكن نُدرك أنّ حماس قوة كبيرة وفاعلة ولها تأثير واسع، لكن سوف ندعم استمرار مسيرات العودة بشرط 3 أمور.
الشروط الثلاثة/ أولًا: التمسك بأهدافها السياسية ورفع الحصار، لأننا لن نقبل بأن يكون فكّ الحصار مع أهميّته القصوى مقابل ثمن سياسي، ثانيًا: الحفاظ على الوحدة الميدانية التي تحققت في مسيرات العودة، وهذا يعني إشراك فتح، صحيح أنّها قد تكون غير فاعلة، لكن جمهور فتح مؤثر ومفيد لمسيرات العودة.
حصري للهدف: طرحنا تشكيل لجنة مصغرة من خلال لجنة القوى الوطنية والإسلامية لإدارة مسيرات العودة، تضمّ الجبهة الشعبية وحماس وفتح والجهاد الإسلامي والجبهة الديمقراطية.
س/ لكن يوُجد لجنة مُصغّرة حاليًا تضمّ حماس والجهاد والشعبية والديمقراطية.
-نعم، نُريد استبدال هذه اللّجنة الحالية بلجنة تُمثّل وحدة وطنية حقيقية حتى نُعطي زخمًا لاستمرار مسيرات العودة بأهدافها السياسية وفكّ الحصار.
ثالثاً، ضمن شروط إنجاح شعار استمرار مسيرات العودة العمل على تقليل الخسائر في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني وتعظيم الخسائر لدى الاحتلال، وهذه ضمن فلسفة المقاومة، بأن تجعل مشروع الاحتلال وتنكّره لحقوقِكَ خاسرًا، وهذا يستوجب إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة، وتفعيل النضال بكلّ أشكاله، مُنوهًا إلى أنّ النضال العسكري ضدّ الاحتلال بالضفة موجودة، دهس طعن وغيره، وكلّها أشكال عنيفة للنضال، يجب أن تستمرّ وتتطور، ولن يكون هذا إلّا بتحقيق الوحدة الوطنية وإيقاف التنسيق الأمني، وإيقاف انفراد حماس في محاولتها إيجاد حلول سياسية منفردة بعيدة عن الكلّ الوطني.
عن انفراد حماس بالقرارات
س/ خلال التصعيد الأخير جرى إطلاق صواريخ من غزّة، من قبل حركتيْ حماس والجهاد، هل أُشركت الجبهة الشعبية في قرار الردّ العسكري، في ظلّ ما يصدر بين الحين والآخر من بيانات باسم غرفة العمليات المشتركة للمقاومة؟
نحن في الجبهة الشعبية (الآن) مُشاركون في الغرفة المُشتركة للمقاومة، لكن هذا مرة أخرى يأتي في ظلّ تفرّد حركة حماس، وأعلنّنا أننا لن نقبل بهذا التفرد، وفي هذا السياق، نسعى نحن في الشعبية لتغيير هذا المسار مع حماس. حماس تقول أنّها جزء من الحركة الوطنية، ومن يقول هذا يجب أن لا يُمرّر المنهج الحمساوي عبر هذه الأمور الصغيرة.
زيارة وفد حماس إلى القاهرة
س/ هل ينعكس هذا على قرار حركة حماس مُغادرة القطاع وحدهم إلى القاهرة، دون غيرها من الفصائل، عشيّة يوم 14 مايو الماضي؟
هذا مظهر آخر من مظاهر تفرّد حماس، فقد ذهبوا إلى القاهرة مُنفردين لم يُشرِكوا أحدًا، أو على الأقل لم يُشاورونا، رغم أن علاقتنا جيّدة معهم، ليس هذا فقط، بل عاد ولم يخبرنا بما حصل هناك، وحتى اليوم لم تتطّلع الجبهة الشعبية على حقيقة ما دار في القاهرة.
اتّهامات تُوجَّه للجبهة حول العلاقة مع حماس
س/هُناك اتهامات تُوجّه للجبهة الشعبية بأنّها باتت تحت مِظلّة حماس، انطلاقًا من مواقف مُعلَنة للجبهة، تتقاطع مع مواقف حركة حماس، وصولًا إلى مسيرات العودة مؤخرًا ، والتي تظهر فيها حماس على أنّها المُهيمِنة، ولهذه الهيمنة أشكال عديدة، بماذا تردّون على هذه الاتّهامات؟
من ينشر هذه الادّعاءات، هم من 3 مجموعات، الأولى: مؤيد لفتح والمحيطين بها، هؤلاء يُريدون منّا الابتعاد عن حماس بشكل مطلق والذهاب نحو أبو مازن؛ نحن لسنا مع سياسة أبو مازن لسببين: هبوطه السياسي وتفرّده المَقيت في منظمة التحرير الفلسطينية والذي يُؤدّي لمزيدٍ من الهبوط السياسي، المجموعة الثانية: هُم من يُريدون منّا الارتماء في حُضنِ حماس، وهذا طبعًا مرفوض، ومن يقولون هذه الادّعاءات يستندون إلى بعض المظاهر التي قد تُشير إلى هذا، لكنّنا نُصوّب؛ ونؤكد أن علاقتنا مع حماس كفاحية وتستند إلى مواقف سياسية مشتركة تخدم الأهداف الوطنية، ونحن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، خيارنا الرئيسي هو التحالف مع التيار الوطني الديمقراطي، ونسعى لتفعيله أكثر، وقد فعّلناه مؤخرًا من خلال حراك (ارفعوا العقوبات عن غزّة)، وهذا التحالف هو وُجهتنا الرئيسية، ففي الساحة الفلسطينية 3 قوى رئيسية: اليمين الوطني الليبرالي الذي تترأسه فتح وهو هابط سياسيًا ومتفرد ونحن نختلف معه في قضايا كثيرة، ويُوجد اليمين الديني الذي ترأسه حماس، وهذا أيضًا نختلف معه في كثيرٍ من القضايا المُجتمعية والسياسية، وقد يظهر الخلاف السياسي أكثر في الأيام القادمة، إذا ما صارت حماس مع مشروع فصل القطاع، والقوّة الثالثة هي التيار الوطني الديمقراطي وعلى رأسه الجبهة الشعبية، الذي يتبنّى سياسة تحررية وطنية وديمقراطية مجتمعية، وهو التيار الرئيسي الذي ننتمي إليه.
في هذا السياق، أقول أنّنا قد نلتقي مع حماس سياسيًا، كمواضيع المجلس الوطني، مواجهة الاحتلال، ومواجهة تفرّد أبو مازن. وهُنا أقول لكم أنّه في كثيرٍ من الموضوعات، حماس هي التي كانت تأتي إلى مواقف الجبهة الشعبية.
كما أنّ لهذه المزاعم لأسباب موضوعيّة وأسباب ذاتية، والأسباب الموضوعية هي كون حماس قوّة كبيرة، لديها إمكانيات أكبر، لذا تبدو وكأنّها هي المُهيمنة. أمّا الأسباب الذاتية، فهي أخطاء يقوم بها رفاق من الجبهة الشعبية، وفي هذا المجال حين يتحدثون عبر الإعلام بمنطق (المشايخ)، وهذا يضرّ الجبهة، التي هي تنظيم ماركسي وطني، وهو أكثر تنظيم يتمسّك بثوابته، مبدأي وليس لديه أيّة درجة من البراجماتيّة وهذا جيّد، هذا منطق جورح حبش الذي غرس وعمّق فينا التمسّك بالمبادئ والأفكار والتمسّك بمقاومة الاحتلال، وتحديد معسكر الأعداء، وهذا غير موجود في أيٍّ من التنظيمات، سواء اليمين الوطني أو اليمين الديني.
تفرّد الرئيس عباس.. وسُبل المُواجهة
س/بعد فشل الجهود لتوحيد الوُجهة لكل فصائل العمل الديمقراطي أثناء الترتيبات لعقد المجلس الوطني الفلسطيني، ما هي جهودكم في الوقت الحالي، مع القوى الديمقراطية، لمواجهة تفرّد الرئيس عباس، والتأكيد على موقفكم في هذا الإطار والذي تبيّن أنّه هو الصواب، فحتى البيان الختامي للمجلس الوطني، أكّدت فصائل شاركت في الجلسات أنّه تم تغييره وفق رغبة الرئيس، ما هي الخطوات المقبلة التي ستتخذونها لمواجهة هذا التفرّد؟
أريد توجيه كلامي لرفاقنا، ولأبناء شعبنا، كي يُدركوا، خيارنا الوطني التحرري الديمقراطي لن يكون إلّا بضرورة التحالف مع التيار الوطني الديمقراطي، وهذا يعني أنّنا يجب ألّا نكلّ ونُحبط من الصعوبات التي تُواجهنا في هذا الإطار. سأقوم بتوضحيها فيما يلي. هذا يعني أنّنا يجب أن نقتنع في الجبهة الشعبية بأننا أم الولد الحريصين على بلورة تيار ديمقراطي، ليس من القوى الديمقراطية في منظمة التحرير فقط، بل ومن القوى المجتمعية خارج المنظمة، وهي أوسع، وهذا ما نُحاول أن نُثبّته في التيار الديمقراطي. رفاقنا قد يكون لديهم نوع من النّزق والفئوية بأننا نحن الجبهة الشعبية، لكن هذا خطأ، وهذا موجود عند الرفاق في كلّ قوى التيار، لكن من يُريد أن يُبلور ويقود تيار ديمقراطي يجب عليه أن يتواضع ويتنازل لصالح فكرة التيار الوطني الديمقراطي ببرنامجه التحرري المتمسك بالثوابت وبرنامجه الديمقراطي الذي يسعى لحياة ديمقراطية حقيقية وبرنامجه التقدمي الذي يسعىلتحرر كل المجتمع وفي مقدّمته المرأة. نحن لسنا ضدّ الدين لكنّا مع فصل الدين عن الدولة، وهذا هو الأمر الذي أدّى لتطوير أوروبا.
عناصر اللقاء بيننا وبين قوى التيار الديمقراطي رغم كلّ الخلافات، في القضايا المُجتمعية شبه كاملة، أمّا في القضايا السياسية فالخلاف يُوازي الخلاف في هذه القضايا بين أعضاء الجبهة الشعبية أنفسهم. يجب أن نجمع الكلّ وأن نتصرّف في الشعبية على أنّنا أمّ الولد، وهذا يعني التنازل بشكل جدّي لصالح بلورة التيار الديمقراطي، بديلًا عن التحالف مع أحد اليمينيين: الليبرالي البراجماتي العلماني فتح، اليمين البراجماتي الديني حماس.
أزمة الأونروا
س/في ملفّ الأونروا، أعلنت إدارة وكالة الغوث عن تقليصات حادّة وإجراءات تقشف عديدة طالت الخدمات والموظفين، كلّها في قطاع غزّة، إضافة لقرارها وقف العمل ببرنامج الطوارئ مع نهاية شهر يوليو والذي يضمّ ألف موظف في قطاعات مختلفة، ما هو دور الفصائل ومنها الجبهة الشعبية في مواجهة هذا التحدي؟
تقليصات الأونروا هو جزء من المخطط المُوجّه ضدّ قضية الشعب الفلسطيني، يعني أنّ أمريكا وإسرائيل وبعض العرب، يُريدون إنهاء الوكالة، التي جاءت بقرار رقم 302 من الجمعية العامة عام 1949 استنادًا للقرار 194 الذي يُحمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن اللاجئين الفلسطينيين، وطالما أن وكالة الغوث موجودة فقضية اللاجئين حيّة، وإنهاؤها يعني إنهاء قضية اللاجئين.
التقليصات تُقدّر بنحو نصف مليار دولار لو أردات السعودية أو قطر دفع هذا المبلغ لفعلت، لكنهما من عملاء الأمريكان، وجزء من المؤامرة على الأونروا.
التصدي لهذا المخطط يجب أن يكون بمواجهة جماهيرية قوية جدًا، وهذا يحتاج إلى الوحدة الوطنية، وإدراك الجميع خطورة تقليص خدمات الأونروا خاصةً في قطاع غزة. ونحن في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتيار الديمقراطي، علينا دور لتفعيل مقاومة تصفية الأونروا، علينا العمل أكثر وبجديّة أكبر. كما أنّ المواجهة تكون باستمرار المقاومة، والتفافالشعوب العربية حول قضايا الشعب الفلسطيني، وأن يشمل التحرك الدوائر الإقليمية والدولية، التي يُمكن أن تُمارس دورًا ضاغطًا في هذا الإطار.
توحيد فعاليات حراك (ارفعوا العقوبات) بين غزّة والضفة
س/ لماذا لا تتمّ الدعوة لمسيرات وفعاليات موحدة بين قطاع غزة والضفة المحتلة في إطار حراك (ارفعوا العقوبات)، لمزيدٍ من الضغط على الرئيس لوقف إجراءاته العقابية ضدّ القطاع؟
القوى الديمقراطية اجتمعت في غزة، قبل بداية الحراك، واتفقنا على تفعيل الحراك في غزة والضفة بشكل موحّد،وهذا ما كان، هذا الحراك دعت إليه القوى الديمقراطية في منظمة التحرير ثم انضمّت إليه حركات شبابية ومنظمات مجتمع مدني. وانطلقت الفكرة من قطاع غزة.
لكن، هل الحراك كما يجب؟ أعتقد لا، لذا قبل نحو أسبوع اجتمعت القوى الديمقراطية في غزّة، وجرى طرح أفكار لتفعيل الحراك ليكون أكثر إنتاجيّة للضغط على الرئيس أبو مازن بوقف العقوبات على غزة.
س/ لماذا لا تتم الدعوة لمسيرات في قطاع غزة للمطالبة برفع العقوبات؟ كانت هناك مسيرة للأسرى في مدينة غزة، قبل أكثر من أسبوعيْن؟ وجرى قمعها؟
وجّهنا دعوة لهذه المسيرة، كقوى ديمقراطية ومن خلال القوى الوطنية، لكنّ حماس قمعتها بغباء، أو بأهداف ليست غبيّة، وهذا مُصيبة.
الأوضاع الداخلية في الشعبية
س/كيف تُقيّم الأوضاع الداخلية للجبهة الشعبية؟
الجبهة الشعبية تنظيم مُتواجد في كل أماكن تواجد الشعب الفلسطيني، وهو يتبع مبدأ المركزية الديمقراطية في علاقاته الداخلية، وفيه الأغلبية تتّخذ القرارات والأغلبية تُطيعه، وتضمن حق النقد والنقد الذاتي، وفيه وحدة الإرادة والعمل، وفي مسألة الصراع السياسي مع القوى الوطنية نتبع مبدأ (وِحدة صراع وِحدة) بمعنى نتحد في مواجهة عدونا الصهيوني، ونختلف ونتصارع ديمقراطياً في بعض القضايا الخلافية لكن نصارع لإعادة الوحدة الوطنية لمواجهة عدونا الصهيوني. هذه المبادئ تراجعت إلى حدٍّ ما، بفعل الضعف في الموضوع الفكري، لكن حتى الآن لا تزال هيئاتنا: اللجنة المركزية والمكتب السياسي، تعمل انطلاقًا من هذه المبادئ وسنعمل على علاج أيّة إخلالات لصالح تطوير عملنا، حتى نتمكّن من أداء وفعل أكثر إنتاجية خدمةً لقضيّتنا الوطنية التحررية والديمقراطية.
س/كيف تعملون على معالجة وتعزيز الجانب الفكري؟
من خلال الدائرة الثقافية والفكرية، والتي تتواجد في كل الفروع، فالجيل الجديد لا يحمل ذات الخبرة التي يملكها الجيل الأقدم، وهذا ما نعمل على علاجه، بجعل الموضوع الفكري بندًا ثابتًا في كلّ اجتماعات الجبهة الشعبية، بدءًا من الخلية وصولًا للمكتب السياسي.