بعد إصابة مُميتة.. الصحفي أبو حسين في انتظار تحويله للعلاج خارج غزّة
الفلسطينية
2018-04-15

قناصٌ "إسرائيلي" يبدو أنّه اجتهد ليُحدد هدفه ومنطقة الإصابة، فقد "اخترق الطلَق جسد أحمد من المنطقة الميّتة في السترة الواقية من الرصاص والمخصصة للصحفيين، وهي تلك التي على الجانبيّن ما بين منطقتيّ الظهر والبطن"، كما قال الصحفي صابر الشرافي، الذي كان على بُعد مترات من زميله أحمد حين تعرّض للإصابة.
الطبيب المُشرف على حالة الزميل أبو حسين، د.ناصر رضوان استشاري ورئيس أقسام الجراحة في المستشفى الأندونيسي، أفاد بأنه لا يزال يرقد في قسم العناية المكثّفة، بحالة حرجة جدًا، في انتظار إجراء عملية جراحيّة استكماليّة.
وعن طبيعة الإصابة أوضح د.رضوان في مقابلة مع "بوابة الهدف" أنّ الجريح أحمد أُصيب بعيار ناري متفجر في منطقة الصدر والبطن من الناحية اليُسرى، وصل المُستشفى وجسده بحالة صدمة بسبب النزف الشديد، أُدخل إلى غرفة العمليات بسرعة كبيرة بعد عمل اللازم له، وتبيّن خلال العملية أن معظم الأعضاء الداخلية في منطقة الإصابة تعرّضت لتهتّك جرّاء انفجار الرصاصة داخل الجسم، وطال التهتّك كلّ من الكلية اليسرى والطحال والقولون والبنكرياس، كما تعرّض الحجاب الحاجز للإصابة وكذلك الغدّة الفوقكظرية.
وقال الطبيب إنه أُجريت لأحمد المرحلة الأولى من العملية الجراحية وتم استئصال الكلية اليُسرى بالكامل والطحال، وجزء من البنكرياس والغدة الفوقكظرية، وهو لا يزال بحالة صحيّة حرجة في قسم العناية المكثفة، في انتظار إجراء المرحلة الثانية من العملية.
ويجري العمل من أجل تحويل الصحفي أحمد إلى إحدى مُستشفيات الضفة المحتلة لتلقي العلاج، بحسب د.رضوان، الذي نوّه إلى أنّه في حال تأخّر إخراجه من قطاع غزّة فإنّ الطاقم الطّبي سيُضطّر لإجراء المرحلة الثانية من العملية الجراحية له، والتي لا يُمكن تأخيرها لما بعد ساعات ظهر اليوم الأحد.
جسد الزميل أحمد لا زال يُقاوم، رغم سُكونه الظاهر وجروحه "القاتلة"، التي أجبرت الطاقم الطبّي على تزويده بأكثر من 30 وحدة دم. ورغم مقاومة الجسد يبقى الخطرُ داهمًا، إذ قال الطبيب المُعالج "قد تتدهور الحالة بأيّة لحظة".
الصحفي الشرافي الذي وثّقت "بوابة الهدف" شهادته، أوضح أن أحمد أبو حسين كان يُمارس عمله الصحفي في توثيق أحداث الجمعة الثالثة من فعاليات مسيرة العودة شرق مخيّم جباليا شمال قطاع غزة، وكان على بُعد أكثر من 100 متر من السياج الأمني الفاصل، خلف خطّ المواجهة الأول، عائدًا من تصوير مُسعفين ينقلون إصابة من قرب السياج، عندما تعرّض للإصابة".
هذه الإفادة يُوثّقها كذلك مقطعُ فيديو تداوله صحفيّون ونُشطاء، لعشرات المتظاهرين، يتوسّطهم الصحفي أبو حسين، مُرتديًا خوذة واقية مكتوبٌ عليها TV (في دلالة على أنّه مراسل صحفي)، وكذلك سترة واقية مكتوبٌ عليها كلمة "Press" أي صحافة، باللّون الفسفوري من الأمام ومن الخلف. وهو ما لم يعنِ شيئًا للقناصّ الصهيوني الذي أطلق عليه رصاصةً متفجّرة فتّتت أجزاء كبيرة من جسده.
الرصاص المتفجر ذاته أصاب الصحفي ياسر مُرتجى بتاريخ 6 إبريل، خلال ممارسته عمله الصحفي في توثيق أحداث مسيرة العودة، وأدّى لاستشهاده فجر اليوم التالي. لتُسارع دولة القتل الصهيونيّة في تبرير استهدافها الصحفي مُرتجى الذي كان يرتدي الخوذة والسترة المخصصتان للصحفيين. على بُعد نحو 250 مترًا من السياج الأمني الفاصل.
"إسرائيل" تذرّعت، على لسان وزير جيشها أفيغدور ليبرمان، بأنّ مُرتجى كان ينتمي لحركة حماس لذا جرى استهدافه، دون تقديم أيّة أدلّة تُبرهن هذا الادّعاء.
الاستهداف المُباشر والمُتعمّد للصحفيين أثار سخط النقابة والأطر الصحفيّة قاطبةً، التي أدانت وندّدت بالفِعل الصهيوني، مُشدّدة على أنّه قطًعا يستهدف طمس الحقائق ومنع الصحفيين من توثيق الانتهاكات التي يقترفها الجيش "الإسرائيلي" الذي يُواجه المتظاهرين السلميين في مسيرات العودة في غزّة بالرصاص الحي بمختلف أنواعه، والغاز السام المُسيل للدموع، منذ بدء الحراك الشعبي بتاريخ 30 مارس الماضي، زاعمةً أنّ هذا "ما تقتضيه قواعد الاشتباك وحماية حدودها"، إلّا أنّ جهات دوليّة عدّة، في مقدّمتها الأمم المتحدة، أدانت استهداف المتظاهرين بغزّة.
التجمع الصحفي الديمقراطي، وفي الوقت الذي شدّد فيه على أنّ استهداف الصحفي أبو حسين جريمة منظمة ومدروسة لمنع الصحفيين من توثيق الانتهاكات "الإسرائيلية"، طالب المُؤسسات الصحفية الدولية بتوفير حماية عاجلة للصحفيين الفلسطينيين ودعمهم في مُواجهة آلة البطش الصهيونية، داعيًا المجتمع الدولي بالتحقيق في الاستهداف المُتعمّد لهم، كما طالب السلطة الفلسطينية بممارسة دورها في فضح إجرام العدو في المحافل الدولية، والإسراع بإحالة ملفات انتهاكاته، بما فيها استهداف وتعمّد قتل الصحفيين إلى المحكمة الجنائية الدولية تمهيدًا لمقاضاة قادة العدو وضُبّاط جيشه.