ذكرى اقتحام سجن أريحا واختطاف القائد سعدات ورفاقه
الفلسطينية
2022-03-14

في 14 مارس من العام 2006، وبتواطؤ سلطوي وبريطاني أمريكي واضح، اقتحمت دولة الاحتلال وبطريقة غادرة، سجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية، من أجل اعتقال المناضل أحمد سعدات ورفاقه. وداهمت قوات الاحتلال السجن بعد حصار وتدمير جدرانه، وخلال العملية اختطفت القوات الصهيونية القائد سعدات والرفاق الأربعة، وأخضعتهم للتعذيب في أقبية تحقيقها، ومن ثم قدَّمت السلطات "الإسرائيلية" المناضل سعدات للمحاكمة العسكرية بتهمة مقاومة الاحتلال، ولم يكن من بين هذه التهم قتل وزير السياحة الصهيوني "رحبعام زئيفي".
منذ تقديمه للمحكمة العسكرية في سجن عوفر والمناضل سعدات رفض الاعتراف بشرعية المحكمة العسكرية، ورفض أن يكون في موقف المتهم. وبالرغم من كل الضغوط التي مارستها سلطات الاحتلال، رفض القائد سعدات مجرد الوقوف في هذه المحكمة التي اعتبرها أداة من أدوات تكريس الاحتلال العسكري لفلسطين التاريخية.
واعتبر أن من يجب أن يحاكَم ليس مناضلو الحرية، بل مجرمو الحرب الإسرائيليون، الذين يمارسون أبشع صور القتل والتدمير ضد الشعب الفلسطيني.
فصول المؤامرة
هذه المؤامرة المخزية، التي بدأتها السلطة بملاحقة المجموعة الفدائية الجبهاوية، التي نفذت حكم الشعب الفلسطيني، بالقصاص من الدولة الصهيونية على جريمة اغتيال الأمين العام السابق للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى ، من خلال قتل وزير السياحة الصهيوني العنصري المتطرف رحبعام زئيفي الذي كان يدعو للتهجير القسري لكل الفلسطينيين.
عمدت قوات العدو الصهيوني إلى اجتياح الضفة الغربية، ومحاصرة مقر المقاطعة التي يقيم فيها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ، وحيث كان سعدات ورفاقه محتجزين،حيث تم عقد صفقة جديدة في ظل الصفقات التي كانت تديرها الولايات المتحدة وبريطانيا مع الرئيس الفلسطيني وطاقمه الأمني، الذي اعتقل سعدات ورفاقه، وأجرى لهم محاكمة في مقر إقامته. وتلخيصا لسياق الحدث عرض أحد المحامين الرواية بشكل تفصيلي عن سير الأحداث نقلاً عن القائد أحمد سعدات، وهي كالتالي:
طلب توفيق الطيراوي المدير العام لجهاز المخابرات الفلسطينية آنذاك الاجتماع مع القائد أحمد سعدات للتباحث في بعض المسائل التي تخص الشأن الوطني.
جرى اللقاء في أحد فنادق رام الله يوم 15 كانون الثاني/يناير 2002. وقبل بدء اللقاء استدعي توفيق الطيراوي إلى مكتب عرفات، وحين عاد كان يحمل معه أمر اعتقال أحمد سعدات بتوقيع ياسر عرفات.
اقتيد سعدات إلى مبنى المقاطعة حيث جرى احتجازه في مكتب اللواء نصر يوسف.
بعد أيام تم نقل سعدات إلى مقر قوات الفرقة السابعة، التي تعرف بحرس الرئيس، حيث أبقي عليه محجوزا هناك.
أصدر النائب العام خالد القدرة قرار إدانة باعتقال سعدات وطالب بالإفراج الفوري عنه، إلا أن الأمر لم ينفذ.
اجتاحت القوات الصهاينة يوم 29 آذار/مارس 2002 مقر المقاطعة وحاصرت مكتب عرفات.
نقل سعدات للحجز في مكتب الرئيس ياسر عرفات.
طلبت قوات الاحتلال الصهيوني تسليم سعدات ورفاقه المحتجزين في مقر المقاطعة، والمناضلين الذين التجأوا إلى كنيسة المهد في بيت لحم مقابل الانسحاب من حول المقاطعة.
جرت المفاوضات بتوسط الأشخاص التالية أسماؤهم: أبو مازن، محمد دحلان، صائب عريقات، ياسر عبد ربه، محمد رشيد، الأمير عبد الله ، عمري شارون، توني بلير.
حاولت السلطة الفلسطينية، خوفاً من الشارع الفلسطيني، أن تتفق على تسليم الآخرين باستثناء القائدأحمد سعدات واللواء فؤاد الشوبكي، إلا أن سلطات العدو الصهيوني، التي تعرف ما تريد، رفضت.
رضخت السلطة الفلسطينية للقبول بالمقترح الصهيوني الذي تقدمت به بريطانيا والولايات المتحدة لحجز المناضلين بشكل دائم نيابة عن السلطة الصهيونية، وتم الاتفاق على ما يلي: (حجز المناضلين في سجن أريحا، يكون الحجز بشكل دائم، يشرف على الحجز سجّانون أميركيون وبريطانيون، تحرير حركة عرفات وإنهاء حصار المقاطعة).
تلاه عرضٌ قدمه محمد دحلان على القائد سعدات احتوى تفاصيل الاتفاق سائلاً رأيه فيه، فرد سعدات بأنه ما دام يعترض على حجزه غير القانوني في الأساس، فكيف سيوافق على استمرار الحجز بموجب الصفقة الجديدة.
نقل سعدات ورفاقه يوم 1 أيار 2002 بواسطة سيارات تابعة للسفارة الأميركية تحت حراسة بريطانية وأميركية إلى سجن أريحا المركزي حيث وضع في قسم منفصل من السجن تحت إشراف وحراسة بريطانية.
رفع محامو سعدات دعوى أمام محكمة العدل العليا الفلسطينية، والتي أصدرت قراراً في 3 حزيران/يونيو 2002 يقضي بالإفراج عنه، إلا أنه لم ينفذ كما حدث في قرار النائب العام قبله.
تبع قرار المحكمة الفلسطينية بالإفراج عن أحمد سعدات تحذير من السجان البريطاني بعدم ترك السجن لأن الاتفاق الموقع بين الأطراف الأربعة لا يجيز ذلك.
كان القنصل البريطاني العام في القـدس قد زار السجن وأبلغ أحمد سعدات رسالة مشابهة.
برر أبو مازن لاحقاً، في حديث لإحدى الصحف، قرار حجز أحمد سعدات غير القانوني بقوله إنهم كانوا أمام خيارين إما اقتحام المقاطعة بكل ما ينجم عنه من خسائر، أو توقيع اتفاق الحجز الدائم، واعتبر أبو مازن تلك مساومة مشروعة وناجحة.
ظل سعدات ورفاقه في سجن أريحا أسرى السلطة الفلسطينية والسلطة الصهيونية والسلطة الأميركية والسلطة البريطانية منذ 1 آذار/مارس 2002.
سارع الصهاينة بالاتفاق مع الأميركيين والبريطانيين على سحب سجانيهم قبل اقتحامهم السجن، وما حدث بعد ذلك يعرفه الجميع.
وقد تساءل المحامي، وبحث بإلحاح شديد عن سبب أوامر ياسر عرفات يوم 15 كانون الثاني/يناير 2002 باعتقال أحمد سعدات؟ وهل أن واجب السلطة الفلسطينية مساعدة الصهاينة في تحقيق مشاريعها في استئصال المناضلين الحقيقيين؟
ثم تساءل عن سبب استنكار أبو مازن ما قامت به الصهيونية من اقتحام سجن أريحا واعتقال سعدات ورفاقه؟ في الوقت الذي ساهم هو في اعتقال سعدات دون وجه حق وحجزه لأربع سنوات؟ ألم يقم هو بتسليمه لسلطات العدو الصهيوني من خلال حجزه غير القانوني؟ متسائلا أيضاً لماذا لم يفرج أبو مازن عنه منذ تسلمه الرئاسة، ترى أكان أبو مازن يريد للمناضل سعدات أن يموت في السجن مادام قرار الحجز نص على ديمومته؟
وخلال اعتقاله لدى السلطة تقدم محامون بدعوى إلى محكمة العدل العليا في السلطة الفلسطينية للإفراج عنه طبقاً للقانون الفلسطيني الذي يجعل النظر في أمره من صلاحيات القضاء الفلسطيني، وبتاريخ 3 حزيران من العام 2002 صدر حكم بالإفراج عنه، إلاّ أن السلطة الفلسطينية رفضت تنفيذ حكم المحكمة العليا. وقد استمر سعدات بالالتقاء مع جميع من تقلدوا وظيفة وزير الداخلية في السلطة بعد إقرار هذا الموقع، وطالبهم بتحديد الوصف القانوني لوضعه وخطواتهم لتصحيحه، ولكن دون جدوى.
وفي معرض ردّه على لائحة الاتهام في إحدى جلسات المحكمة العسكرية، قال الأمين العام موجهًا كلامه للقضاة: "هذه محكمتكم وتملكون القوة لعقدها وإدانتي على أساس لائحة اتهامكم العلنية والسرّية، والنطق بالحكم الذي حددته الجهة السياسية والأمنية التي تقف خلف هذه المحكمة، لكنني أيضاً امتلك الإرادة المستمدة من عدالة قضيتنا وعزيمة شعبنا لرفض أي دور في هذه المحكمة/ المسرحية، والحفاظ على توازن منطقي المنسجم مع تصميمي على مقاومة احتلالكم، إلى جانب أبناء شعبنا، مهما ضيّقتم مساحات الحركة المتاحة لي كأسير حرية".