لايمكن ان نتصور بلد تحرر من استعمار دون أي حركات أو برامج تتعمد مواجهة عدوها بكل ايمان وبالتالي تسعى ان تكنس كل اشكاله وبناء سيادة حقيقية منبعها الشعب فما بالك عندما يكون هناك احتلال استيطاني اجلائي عنصري سوف تختلف تماما طبيعة المواجهة مابين الشعب والاحتلال, وفعلا الشعب الفلسطيني شق طريقه مستعينا بخيار المقاومة كبرنامج اغنى كل مواقفه وحدد رؤيته لذلك نحاول في هذا المقال توضيح نظرية المقاومة روح الشعب بالنسبة للفلسطيني التي تستنبطها من كل المحطات النضالية التي خاضها الشعب الفلسطيني واستطاع ان يكرس مفهوم المقاومة ميدانيا و واقعيا مستعينا بالمقومات التي تدعم هذه النظرية, ولكن يجب ان نؤكد المفهوم الاصطلاحي واللغوي والمعنى الواقعي لمفهوم المقاومة الذي يؤكد انها مجموعة الاعمال ذات الطابع الرمحي الابري الذي يخلو من كل معاني وماديات الصبغة الملساء .
يستطيع قارئ الحالة الفلسطينية تاريخيا وحاضرا ان يستنبط الأفكار التي تبناها الشعب الفلسطيني في سبيل تحقيق الغايات الافتراضية وبالتالي ينهض ليتجه واقعيا لتحقيق الأهداف التي مازال يؤمن بتاريخ وقوعها متمسكا بضوابط ومبادئ يعدها اسس وقواعد لايمكن تغييرها والاستغناء عنها.
كذلك يستطيع القارئ والمشاهد المحايد ان يلحظ نوعين من المبادئ او الايديولوجيات التي قسمت الشارع السياسي , وحين نسلط الضوء على هذين الاساسين فهو ليس من باب المقارنة وانما تجريد للواقع السياسي, يجب ان نتفق بان هذه المقال أتى تزامنا مع حدث او مجموعة معطيات اكدت رجحان كفة عن أخرى ,تاتي نتيجة تراكمات في نجاح أساس عن اخر .
ومن هنا نرى تاريخيا كانت المقاومة هي أسلوب عمل نضالي يتمتع بمجموع خصائص نوعية أدت لان تكون جزء من الحياة المدنية التي يعيشها الانسان الفلسطيني حتى يستمر في كل المحطات النضالية اللاحقة الى ان أصبحت ايديولوجيا لها اساليبها وأهدافها الى ان توسع مفهومها لتصبح فعلا روح الشعب التي بدونها لا يستطيع ان يبقى حيا ولا يستطيع ان يبني برامجه التي تحدد المواجهة مع الاحتلال .
كما ذكرنا سابقا استطاع الفلسطيني ان يستحدث كل معاني المقاومة واساليبها نتيجة عمل تراكمي على مسار الكفاح الفسطيني .
لذلك نستنبط بان المقاومة هو خيار محوري وجوهري وميداني وذو نتائج نوعية , رغم كل محاولات اثبات عكس ذلك التي حاول أصحاب ايديولوجيا اللاعنف تحقيقها , وبالتالي نلحظ بأن المقاوم كان بحالة مواجهة لكتلتين متجانستين من حيث الهدف ولكن تختلف أساليب كل منها عن الأخرى.
فهذا المقاوم تجول وخطط واشترى السلاح واعتقل واضرب عن الطعام وتمرد وطورد وبادر واشتبك واستشهد من اجل المحافظة على هذه الروح التي تعد بمثابة صمام امان تاريخ وحاضر ومستقبل المركب الفلسطيني بكل مكوناته .
ان هذه الروح لم تاتي فقط من ذاكرة النكبة او من اشكال الإرهاب الصهيونية او من محرضات ودوافع إقليمية ؟؟..لا ياعزيزي أتت لان وجود الاحتلال يرتبط باية ممارسة ممكن ان تحدث مع أيا فلسطيني على هذه الأرض فالامر لا يحتاج ان يكون هناك اعتقالات ومطاردات وقصف ومحاولات تهويد …الخ حتى يتم اعتناق خيار المقاومة فوجود الاحتلال على هذه الأرض هو بحد ذاته يشرع وجود مقاومة ضاربة تحاكي المستوى الذي يقوم به المحتل وتحدد المواجهة مع المحتل على انها علاقة عدائية وجودية تستمر وتستمر حتى انتهاء الاحتلال بكل اشكاله.
وان استمرار هذه الروح ينبع من مقومات تدعم استدامتها حتى تحقق غاياتها, فمن الطبيعي ان أي عمل يرتبط بمجوعة عوامل تجعله يستمر رغم كل محاولات افشاله او إيقافه او الاستغناء عنه , ولاننكر مجموعة المحطات التي كانت تحاول تعولم وترسخ في عقول أصحاب فكر المقاومة ان القضية مجتزئة او لايمكن تحقيق أهدافها او من المفترض ان تكون العلاقة مع الاحتلال ودية بعد سنين طويلة متعبة ومهلكة …الخ , اذا ماهو سر استكمال برامج المقاومة وماهي العوامل التي انعشت فكر المقاومة في كل مرحلة كانوا يحاولوا قصيري النفس اثبات عكس ذلك .
من يبحث يجد ان هناك فرضية واحدة تثبت ذلك وتؤكد بان عامل واحد يملك مجموعة خصائص تثبت سر المقاومة واستمراريتها .
الفرضية تقول:
ان الانسان الفلسطيني وتراكم معاناته عبر قرنين من الزمن , اكد انه يملك خصائص سيكولوجيا يتميز بها عن باقي الشعوب باعتبار ان كل شعب يتميز عن اخر , فكانت المقاومة بمثابة تراث عادات وتقاليد وثقافة حتى أصبحت منهج يجمع كل مقاومات العالم .
عندما قال باسل الاعرج ان المقاومة جدوى مستمرة كانت انطلاقا من اعتبار بأن المقاومة روح الشعب الفلسيني ودرع قضيته.
د. علي سليمان